شارك أ.د.عدنان ياسين مصطفى التدريسي في قسم الخدمة الاجتماعية بكليتنا بالندوة العلمية الخامسة للموسم الثقافي للمجمع العلمي العراقي والتي كانت تحت عنوان (العراق في ظل الأزمات المتداخلة: حلول ومعالجات) بتاريخ 1-11-2020 عبر منصة (F.C.C)الإلكترونية. وكان ملخص أستاذ التنمية الاجتماعية:

 شكلت ظروف الازمات المتواصلة والمتداخلة وما يصاحبها من ازمات أخطر التحديات المهددة للأمن الإنساني وللتنمية البشرية المستدامة في العراق. إنها الأداة التي تهدم مكتسبات التنمية، وتنتهك حقوق الإنسان، فتدمر جميع الطاقات والقدرات الخلاقة والمبدعة التي تحتاجها عمليات التنمية. وتظهر مسيرة العراق خلال السنوات التي أعقبت نيسان 2003 حجم التدمير في البنى والمؤسسات، هددت بمجملها حياة الناس وبددت الموارد والثروات، وشكلت بالتالي عبئا خطيرا على مستقبله وعلى طموحاته التنموية.

   لقد نجم عن هذه الظروف اختلالات بنيوية في الجسد العراقي عكستها سلسلة من الظواهر الجديدة ذات الطبيعة المركبة بحكم استنبات قسري وغير مهيأ له لعمليات التحول، وأثارت وبدرجات متفاوتة العوامل الكامنة في البنية الاجتماعية لحساب الهويات الفرعية، فأوجدت عجزاً مزمناً، وتوالداً متواصلاً للمشكلات وافتقاراً للإرادة الاجتماعية ولأدوات تمكينها من التعامل مع تلك المشكلات. كما افرزت أنماط وعي متباينة عبرت عن التجليات المرضية والسوية لتلك الاهتزازات.

     وجاءت هذه الازمات المتداخلة والمتسارعة على شكل زلزال مدمر (تسونامي) صدمت الحياة الاجتماعية، وهي ازمات تختلف عن جميع التحولات التي تشهدها بلدان العالم. إذ كشفت عن تجليات وتأثيرات واسعة وخطيرة على مجمل الانساق المجتمعية، فجائحة كورونا كانت أكثر من كونها قضية بايولوجية، حيث يتجلى تأثيرها في مختلف الفنون والعلوم والانساق والمؤسسات، وأصبحت الشغل الشاغل للرأي العام، وللإنسانية جمعاء.

     ان افرازات وتداخلات وتداعيات هذه الأزمات تتناسل من بعضها، فتتراكم قيمها وتتضاعف تأثيراتها وامتداداتها، فالإغلاق التام الناجم عن وباء كورونا انعكس بشكل سريع وسلبي على الوضع الاقتصادي للفرد والاسرة العراقية، فارتفعت معدلات البطالة ومن ثم الفقر من 20.5% الى ما يقارب 32%  وما يتركه من تداعيات اجتماعية ونفسية  تهدد الامن الإنساني للفرد والمجتمع.

   لقد وضعت هذه الازمات المتداخلة الأنظمة التربوية والاجتماعية على المحك، لتهز أوصالها التقليدية، وتهدد أنماط التنشئة والتربية التقليدية، فالمدارس والمؤسسات اليوم فقدت تحت تأثير الجائحة الكثير من تألقها، وهذا المتغير الاجتماعي الجديد وضع الانساق الاجتماعية والتربوية أمام مسؤولية جديدة تحتاج باستمرار الى تأطيرها وإيجاد الحلول لمتغيراتها وتداعياتها وتحديد معالم الاستجابة لمواجهتها.

    ان أبرز تجليات المشهد الاجتماعي للأزمة بروز مشكلات اجتماعية جديدة وخطيرة تهدد حضيرة المجتمع ومنها ارتفاع معدلات العنف ولا سيما الاسري/ وارتفاع معدلات الانتحار والافقار لقدرات الاسرة في أداء واجباتها مما يهدد تماسكها ويعرقل أداء وظائفها.

    لقد هدد انتشار جائحة كورونا اليوم وتداعياتها بشكل مباشر وغير مباشر الكثير من الانجازات والمكاسب التنموية، وهو ما يتطلب استجابة سريعة ومدروسة عبر سلسلة من الإجراءات المحكمة لحماية أوجه التقدم التي تحققت بجهد وعناء في رأس المال البشري، ولا سيما بين الفقراء والفئات الهشة (Vulnerable Groups), وتصميم التدخلات اللازمة واستهدافها لتحقيق أعلى فاعلية.

Comments are disabled.