ضمن سلسلة نشاطات الحلقة النقاشية  لقسم اللغة العربية  قدمت أ.م.د.ميساء صائب رافع محاضرة بعنوان (أزمات ومخاطر تواجه العربية في عصر العولمة) وذلك يوم الخميس المواف 30/3/2017 .  والتي تناولت فيها ان اللغة العربية عانت اليوم معاناة شديدة من ارهاب وحيف وقع عليها من أبنائها. وأول إشعار يداهم العربية, معاناتها من مزاحمة وطغيان العامية على لسان العرب, فالفصحى موجودة, ولها مواقعها ووظائفها, وكذلك العامية, واضافت انه ينبغي الحذر بحيث لا نسمح بأن تطغى على الفصحى, لأنها أمارة وعلامة الشخصية العربية, ودليل على الهوية الإسلامية والسماح بالعاميات يدخلنا في متاهات, لان العاميات في البلدان العربية تتنوع وتختلف, والاعتراف بهذه العاميات يفضي إلى التفرق اللغوي بل إلى التفرق الفكري والثقافي.

 وقالت ان السبب في هيمنة الثقافة الغربية, على ثقافتنا, ولغتها على لغتنا, يعود إلينا نحن, لأننا ننظر إلى لغتنا نظرة دونية, والى الثقافات الأخرى نظرة فوقية, علينا أن تكون معرفتنا باللغات الاجنيبة بمثابة الطلاء لا البناء, فالبناء يجب أن يكون عربيا, لغويا وثقافيا, أما الطلاء فهو للتجويد والتحسين, إذ يمكن الاقتراض من الآخرين بقدر معلوم على وفق الحاجة والظرف, وبالقدر الذي ننتفع به, وبالقدر الذي لا يهدم البناء, وإذا بدأنا بالطلاء قبل البناء، فهذا يهدم القومية والشخصية العربية . 

وعصر العولمة هذا يفرض علينا, أن نكون أكثر وعيا لهذا الانتقال السريع للمعلومات, والتبادل الواسع للثقافات, ولكي نواكب عصر الحداثة مع المحافظة على أصالتنا، ينبغي أن نولي للغتنا العربية اهتماما كبيرا .

وإذا  كانت اللغة العربية تعبيرا عن الهوية والشخصية العربية، فان حمايتها والذود عنها أمام الغزو الثقافي في القادم عبر القنوات الفضائية، يعد دفاعا عن خصوصيتنا الثقافية الحضارية أمام الفكر واللغات الوافدة. فقوة اللغة تعني قوة القوم الذين يتحدثون بها, وضعفها يعني ضعف أهلها, وكلما زادت قوة اللغة وصلابتها, زادت قدرة أهلها على مواجهة كل مخاطر الغزو الثقافي الوارد من الخارج, ومنها بعض المواد التي تبثها شبكة المعلومات الدولية (الانترنت)  ووسائل  الاتصال الدولية. وهذا لا يعني أننا ندعوا للانغلاق, بل على العكس نحن نريد انفتاحا على العالم وثقافاته, ولغاته, وفي الوقت نفسه نحمي خصوصيتنا الثقافية ونقويها, حتى لا يكون الانفتاح على الآخرين مدخلا لاستلابها.

وذكرت ان من مظاهر الارهاب اللغوي, اتهام اللغة العربية بالجمود والتخلف, وعدم قدرتها على مجاراة العصر والتقدم العلمي فكل لغة قادرة بطبيعتها على مواجهة التيارات الفكرية والتوجهات العلمية التي تتوافد على المجتمع من وقت لآخر. والسبب لا يرجع إلى اللغة ذاتها, إنما العيب في أصحابها, فاللغة لا يمكن أن تنعزل أو تنفصل عن المجتمع بل على العكس فاللغة تقوى بقوة أهلها, وتضعف بضعفهم, وفقر أفكار الناطقين بها, يجعلها فقيرة بوسائلها التعبيرية, وما اتهمت به العربية من عجز عن مواكبة العصر يوجه إلى العرب أنفسهم لا إلى لغتهم, إذ هم العاجزون عن مواكبة التطور فكرا وثقافة وتوجها, وعجزهم هذا انعكس على لغتهم, فلو اتيحت الفرصة لأي لغة لا للغتنا فحسب, لتنشط وتنمو وتزدهر، لتحقق الكثير وهذه الفرصة من صنع أهلها, أهل اللغة أنفسهم, وذلك بالحفاظ على اللغة العربية, والتحاور بها والارتقاء بمستوى الثقافة, ومن حسن حظ العربية الفصحى أن في طبيعتها وخواصها ما يثبت أركانها فالقرآن الكريم هو العامل الأول في الحفاظ على العربية وحفظها, ولولاه لذابت . 

وهذه الهجمة على اللغة العربية, جزء من الهجمة الشرسة على الإسلام . فاللغة العربية والإسلام متلازمان,فالعربية تحمل الإسلام وتعبر عنه, والإسلام يغذيها وينميها, ويجددها, فمن يطعن بالعربية يطعن في الإسلام. وانه لابد من الحفاظ على سلامة لغتنا الأم والنهوض بها إلى سابق عهدها من خلال الاقتراحات والحلول الاتية:

1ـ توظيف اللغة العربية الفصيحة واعتمادها في التواصل بدلا من اللهجات العامية.

2ـ إلزام الجهات الرسمية (المدارس) بالتحدث بالعربية الفصيحة في إلقاء الدروس والمحاضرات مع توعية الطلبة والمدرسين على حد سواء لمخاطر العولمة على لغتنا العربية, وتشجيع الطلبة على التحدث بالعربية الفصيحة بتكريم الطلبة ذوي الألسنة الفصيحة منهم .

3ـ إلزام المحال التجارية والمطاعم والمؤسسات العامة والخاصة باستعمال الألفاظ العربية في تسمية محالهم وعدم اللجوء إلى اللغات الأجنبية والعامية . 

4ـ إلزام الجهات الإعلامية كافة المذيعين والمذيعات ومؤلفي المسلسلات والمسرحيات بالتأليف باستخدام اللغة العربية فيما يؤلفونه ويعرضونه, ومراقبة الصحف في هذا الجانب.

5ـ التصدي للمصطلحات العلمية الحديثة, والتكنولوجية, بتطويعها لأبنية اللغة  العربية, فقد سبقنا علماؤنا الأوائل بحل مثل هذه المشاكل بطرق منها, الاشتقاق, النحت, والتعريب, والترجمة. 

6ـ توظيف وسائل التكنولوجيا الحديثة في تعليم اللغة العربية الفصيحة, بأساليب حديثة مبتكرة ولاسيما الحاسوب, الذي يزيد من فاعلية التعليم, فثمة العاب لغوية ترفيهية, يحبها الأطفال، يستمتع بها الطفل ويتعلم لغته يرسم الحروف ويكتبها وينطقها نطقا صحيحا بسماعه مقاطع صوتية ترافق الألعاب الترفيهية ، إذ يوجد الآن كتب ترفق معها أقراص مصاحبة للكتاب توضح النطق والقراءة مسجلة صوتيا.






Comments are disabled.